زيادة الرواتب إلى 200 دولار تثير الجدل في سوريا.. ورفع الدعم يسبق الفرج المنتظر!!

السوريون يترقّبون الزيادة وسط تضخم يبتلع الرواتب.. والحكومة ترفع أسعار الخبز والغاز قبل تنفيذ الوعود!
دمشق – جسر | تقرير: هبة الشوباش
في وقت يعيش فيه المواطن السوري واحدة من أصعب الفترات الاقتصادية في تاريخه، جاء الإعلان الحكومي برفع رواتب العاملين في القطاع العام إلى نحو 200 دولار شهريًا، كجرعة أمل وسط واقع معيشي خانق. إلا أن فرحة المواطنين لم تكتمل، بعدما بادرت الحكومة برفع الدعم عن مواد أساسية كالخبز والغاز، في خطوة اعتبرها كثيرون “طعنة في الظهر” سبقت الزيادة المرتقبة.
400% زيادة.. على الورق!
الإعلان الرسمي تضمن وعوداً بزيادة الرواتب بنسبة تصل إلى 400%، على أن يبدأ تنفيذ القرار الشهر القادم، بعد الانتهاء من إعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات الحكومية، في محاولة لتحسين كفاءة الأداء الإداري ومكافحة الفساد. لكنّ التحديات المالية الهائلة ونقص السيولة في السوق السورية يهددان بإجهاض هذه الخطوة حتى قبل أن ترى النور.
تأخر في التنفيذ.. ومداورة في التسليم!
وفق التصريحات الحكومية، فإن الأسباب الرئيسية لتأخر صرف الزيادة تعود إلى اعتماد الدولة على تمويل خارجي ودعم إقليمي، في ظل غياب الموارد الذاتية. كما تم تطبيق نظام “مداورة الرواتب”، الذي يهدف للحد من الفساد وضمان إيصال الرواتب لمستحقيها، لكنه تسبب فعليًا في تأخير تسليم الرواتب في كثير من المؤسسات.
اقتصاد بلا سيولة.. ومواطن بلا خبز
بحسب خبراء اقتصاديين، فإن السيولة في سوريا شبه مجمّدة نتيجة عدة عوامل، من أبرزها:
احتفاظ المركزي السوري بالاحتياطيات لتغطية الرواتب. تكديس التجار للعملة المحلية خشية تقلبات القيمة.
الاعتماد شبه الكامل على المعاملات النقدية.
تقليص الإنفاق الحكومي في قطاعات عديدة.
في ظل هذا الواقع، باتت الرواتب الحالية غير كافية حتى لتأمين احتياجات أساسية كالغذاء والدواء والسكن، حيث أصبح الحد الأدنى للأجور لا يغطي سوى جزء ضئيل من تكاليف المعيشة اليومية.
رفع الدعم.. قبل الزيادة!
الصادم في الأمر أن الحكومة رفعت الدعم عن الخبز والغاز قبل البدء بصرف الزيادات، وهو ما فاقم من معاناة السوريين. ارتفع سعر ربطة الخبز إلى أربعة آلاف ليرة سورية، بينما بلغ سعر جرة الغاز مستويات قياسية، لتصبح خارج متناول معظم العائلات.
المواطن محسن الأسدي، موظف في شركة خاصة، عبّر عن معاناته قائلاً:
“راتبي مليون ليرة، وأجار البيت 700 ألف.. عندي ثلاثة أولاد، واحتياجنا الشهري من الخبز بس صار 240 ألف ليرة.. الوضع لا يُحتمل”.
90% من السوريين تحت خط الفقر
التقارير الدولية تؤكد أن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وسط تفكك اجتماعي خطير، وهجرة جماعية للشباب الباحثين عن فرصة نجاة. تزايد معدلات البطالة، والانهيار النفسي، وغياب الأمن الغذائي، كل ذلك يشكل قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار في الداخل السوري.
هل تكفي الزيادة وحدها؟
الزيادة المنتظرة حتى لو نفذت لن تكون كافية، بحسب اقتصاديين، ما لم تُرفَق بإصلاح اقتصادي جذري، وضبط حقيقي للأسواق، ومحاسبة الفاسدين الذين يسيطرون على مفاصل التجارة والتوزيع. ويرى محللون أن الحكومة تُراهن على الدعم الإقليمي والدولي لتمرير هذه المرحلة، لكنها في ذات الوقت تُغامر بزيادة الغضب الشعبي بسبب الإجراءات القاسية، وخصوصاً رفع الدعم قبل الوفاء بالوعود.
رغم أهمية أي تحسّن على صعيد الرواتب، إلا أن الزيادة المنتظرة تبقى مشروطة بواقع اقتصادي منهك، ومخاوف كبيرة من ألا تكون إلا “تسكيناً مؤقتاً” لأزمة معيشية خانقة. فهل تكون هذه الخطوة بداية انتعاش حقيقي؟ أم مجرد وعود جديدة تُضاف إلى سجل الإخفاقات المتراكمة؟.